كانت أمسية في غاية الروعة، وكانت الأولى من نوعها بالنسبة لي. حضرناها أنا وصديقي ناصر بعد أن حجزت تذكرتين لي وله، وكعادة صديقي الذي أسميه صاحب الخطط الاحتياطية، قام بإنقاذنا بعد أن اعتذر احد اصدقائي الذي اتفقت معه بان ننطلق الى جده بسيارته، لكننا انطلقنا ونحن على اهبة الاستعداد عازمين على ان نصل حتى ولو بسيارة أجرة، وهذا ما حصل. وعدنا بنفس الطريقة من حيث اتينا، بسيارة أجرة.
بعد أن وصلنا في الموعد المحدد وجلسنا في مقاعدنا بدأت الامسية بتلاوة آيات من القران، واستكمل مقدم الحفل الرائع طراد باسنبل حديثه وترحيبه بالحضور. وبدأ مسلسل محاضرات رياديي الاعمال الاثنا عشر. وهذه المقالة هي عن ابداء أرائي في الامسية بشكل عام وفيما قالوه بشكل خاص، ملخصا بذلك أبرز ما حدث في تلك الامسية باستنادي الى بعض الاقتباسات التي دونتها والى ذاكرتي. ولنبدأ مع من حضرت هذه الأمسية وانا متحمس للاستماع الى ما سيقوله:
ملاحظة، جميع الرياديين الذكور مهندسين!!!
1- أسامة نتو.. نحتفل بالنجاح ولا نحتفل بالفشل
ابن مكة المكرمة والداعم المخلص لشبابها. أسامة نتو هو احد ابرز المستثمرين في السعودية، حيث مثلها في محافل عالمية كثيرة بسبب اجتهاده وعمله المتواصل على تطوير البيئة الاقتصادية في السعودية.
استهل أسامة حديثه بأنه في مهمة، وهذه مهمة بدأ فيها من شهر نوفمبر عام 2011 وهي المساهمة في بناء بيئة ريادة الاعمال في السعودية. لانه رأى انه على الرغم من وجود البرامج والمليارات المصروفه في بيئة ريادة الاعمال الا ان النتائج بسيطة جدا. تساءل عن عدد الماركات السعودية التي ابتكرت في السنوات الماضية، وعن عدد رياديي ورياديات الاعمال في السنوات الماضية، وايضا اعرب عن همته في تحويل بيئة الاقتصاد الحالية الى بيئة انتاجية.
بعد ذلك تحدث عن العادة العربية السعودية التي يجب ان نغيرها، الا وهي الاحتفال بالنجاح وعدم الاكتراث بالفشل! ووضح كيف يمكننا تحويل الفشل الى نجاح، وكيف انه علينا ان نحترم الفاشلين ونقف بجانبهم دائما، فالفشل هو فشل الافكار وليس فشل الاشخاص.
2- فارس التركي ... فطور فارس ... من فكرة على ورق الى عمل ريادي ناشئ
انا اعتبر تعرفي على فارس التركي هو اعظم فائدة لي في هذه الامسية. اتضح لي لاحقا ان هناك الكثيرين من من يستحقون الحضور لأجلهم. وفارس التركي هو أكثر من اقنعني بذلك.
فارس التركي هو موظف سابق في احد البنوك قرر كمعظم موظفي البنوك ان يبدأ مشروعه الخاص، ولقد بدأه بطريقه غريبه جدا، ومدهشه جدا، وتمكن من النجاح في هذا المشروع بشكل ملهم.
هذه هي حكايته البسيطة. هناك شاب سعودي يحب تناول فطوره كل صباح، وقرر أن يشارك اصدقاءه على موقع تويتر اطباق الفطور التي يتناولها كل صباح بأن يصورها لهم، الى ان اعتادو على هذا الشاب واصبحو يترقبون فطوره كل يوم.
نصحه بعض المتابعين بنصيحة لا تقد بثمن: لماذا لا تفتح محلا يقدم وجبات الفطور؟
أجاب فارس "أوه.. فطور.. محل.. لم لا!" وافتتح فارس محله الاول الذي لا يقدم غير وجبات الافطار. وطبعا واجهت الكثير من التحديات، وهذا هو ما أتى رياديو الاعمال ليتحدثو عنه! المشاكل التي واجهتهم في طرقهم المختلفة في مجال الاعمال الحرة.
ان اكثر ما اعجبني في فارس هو قبول جمهوره ومتابعيه له، حيث انه كان قبولا يليق ان يوصف بعبارة "أمو داعيتلو" فقد كان محبوبا من الجميع، ومحظوظا بالجميع، وكان احد اهم ركائز نجاحه هو تسويق متابعيه لمطعمه في جده، مطعمه الذي لا يقدم غير وجبات الافطار في جدة. قال عن طريقة التسويق التي انجحته "كانت الورد اوف ماوث في اعلى معدلاتها مع مشروعي" ويقصد بالوورد اوف ماوث هو طريقة تسويق الاشخاص لمنتج بين اصدقائهم.
بوسعي ان استغرق هذه المقالة بكاملها في التحدث عن فارس وابداء ارائي المتفرعه فيه والمتعلقة بكونه محتوى ناجح، وعبارة محتوى ناجح ستكون مفصلة في احدى حلقات برنامجي على يوتيوب،
التحوّل.
3- خالد سليماني... تجنب الفشل من خلال الارشاد
"الي ما يسمع كلام الكبير، يطيح في البير" هكذا استهل دكتور خالد حديثه في دوره. وهو احد الذين فازو بجائزة اسرع شركة نموا في السعودية لثلاث مرات. واو. وهذه لا ينجح فيها غير خبير ضليع في مجاله.
نعم انه الضليع الذي ألف كتابا باللغة الانجليزية سينشر في بداية العام القادم متعلق بالارشادات التي يحتاج كل ريادي اعمال في العالم ان يحيط بها علما، وقد استعرض لنا بعضها، وفعلا كانت رائعة وبعضها كانت بديهية، وبعضها الاخر تتعجب من خطورها على باله. لقد كان احد الرجال الذين تهني نفسك بالاستماع اليهم.
4- عبد الله عسيري... ماهي حقيقة الفشل؟
وهذا ريادي اعمال اخر، رائع كالاخرين تماما، بدأ مشروعه بمبلغ بسيط، ووصلت قيمة مشروعه اليوم الى 8 مليون ريال سعودي. هذه لم تتحقق بسهولة. مرة اخرى، لقد قام هؤلاء باستعراض تجاربهم علينا في وقتهم المحدد كل بدوره، وقام بعضهم بالاختصار كثيرا، لكنهم جميعا اتحفونا وامتعونا واستحقو تصفيقاتنا الحارة لهم. أحثك أيها القارئ على أن لا تفوت اية فعالية في مدينتك او في المدن القريبة منك. هذا عزاؤنا في بلدنا الذي ليس فيه اية دور سنما تجمعنا، حيث لا نجتمع الا في ايام الجمعة -التي يلعن فيها بعض الخطباء كفار العالم- وفي هكذا فعاليات متعلقه بالمال والاعمال والافكار، ولقد بدأنا تنظيم بعض الفعاليات والنوادي الكوميدية مؤخرا، وهذا مؤشر جد حسن. تحدث عبد الله عسيري كما يتحدث جميع الكتاب الذين تترجم لهم جرير، وقال اننا نسقط لكي نتعلم كيف نقف مرة اخرى.
5- ساره العيدي... كيف تحور وتقلب التحدي؟
ساره هي احدى الاوائل في مجال ريادة الاعمال في السعودية، وهي مدربه في مجموعة شباب وشابات ريادة الاعمال، تشغل الكثير من المناصب في اهم المبادرات الحكومية والخيرية، وهي احدى ابرز المساهمين في انجاح المبادرات في جدة. كانت المرأة المباركة التي ما أن تقتحم بروحها مشروعا حتى ينجح نجاحا باهرا.
فاجأتنا بتقديمها لنا احد لاعبي المنتخب السعودي لكرة السلة فئة المعاقين، ولقد اتحفنا ذلك الرجل بكلامه، وكوني لاعب سله عاشق، فقد استمتعت كثيرا بكلمته وبتحفيزه لنا، كان مقعدا بألف رجل، وهو ايضا ساهم في انجاح الكثير من المبادرات.
6- احمد محايري... بين المستثمرين والعصاميين
احمد محايري هو احد الذين انبهرت بمحاضرتهم على يوتيوب في باب رزق جميل/ برنامج #من_خبرتي. تحدث في تلك المحاضرة عن الموضوع الذي يبرع فيه وقدم فيه ابحاثا في جامعات كستانفورد واكسفورد، الا وهو موضوع الايكو سستم، وهو النظام الاقتصادي المتعلق بالبيئة الاقتصادية.
ولقد امتعنا واضحكنا بحديثه الخفيف وتجاربه المثيرة.
7- راكان العيدي... التحديات فرص تنتظر من يكتشفها
تحدث راكان عن ثلاثة امثلة رائعة لثلاث متحديين رائعين لاعاقاتهم.
الاول هو علي الميراني اليماني الذي فقد بصره في حادثة سلاح
والثاني هو نيك فيوجيك الرجل الاسترالي الذي ولد بلا اطراف
والثالث هو مهند ابو دية الذي فقط بصره
كان حديثا ممتعا ايضا، حيث بشر رياديي الاعمال بالتحديات التي تنتظرهم، من المعاملات الحكومية الى ادارة الوقت الى التوسع وما الى ذلك. التحدي الحقيقي لريادي الاعمال هو ان ينجح فعلا في تأسيس شركة حول الفكرة التي ابتكرها.
8- البراء بهجت... هل يوجد مواهب حولنا؟
وكانت هذه ايضا احدى اكثر الاحاديث تشويقا على الاطلاق، حيث تحدث البراء عن تجربته منذ صغره واستعرض لنا قصة حياته والعقبات التي تغلب عليها في طريقه.
بدأ البراء مسيرته المهنية وهو في سنته الدراسية الاولى في الابتدائية حيث قام بسرقة البلورات الخضراء لثريا جدته وباعها في مدرسته على انها الكربتونايت التي لا توجد سوى على كوكب كربتون، حيث ولد سوبر مان.
وبعد ان افتضح امره من قبل اخيه، قام بالعمل في مجال المواد الغذائية منذ صغره، وايضا قام باستيراد الحواسيب وادوات الطباعه من الخارج قبل ان يقوم بذلك اي احد قبله في جده، كان كجميع من سبقه من المتحدثين، يخبئ خلف صدره روحا ريادية تتوق الى النجاح المهني والاقتصادي بمساعدة الافكار الغريبة والمختلفة. أمتعنا بحديثه، ولا يسعني حتى ولو نقلت لكم كل كلمة قالها بأن أحث فيكم ذات المشاعر التي عشناها في هذه الامسية. كل ما يسعني ان اخبرك به، هو ان لا تفوت اي امسية من هذا النوع في مدينتك او في المدن المجاورة، هذا هو غرض هذا المقال بالتحديد، وهو ان يشوقك لتحضر الفعاليات التي قد تفيدك، وان لم تفيدك فستمتعك، وان لم تمتعك، فعلى الاقل قضيت بعض ساعات حياتك في قاعة كل من فيها يفكر في المال وفي كيفية اكتسابه وجني الكثير منه. أراهن على انك تفكر في ذلك، خصوصا ان كنت تنوي السفر حول العالم.
9- هاني خوجه... المكون السري لكل ريادي اعمال
تحدث هاني خوجه عن تجاربه كالباقين، واخبرنا عن المنافسين وكيفية تجاوزهم بالتطوير المستمر في ادائنا. ربما تحدث كالجميع بما تتحدث به رفوف مكتبة جرير، الا ان تجاربه التي يلقيها على مسامعنا مباشرة كانت اكثر تأثيرا من الصفحات المقروءة لمؤلفين ظروف بيئتهم الاقتصادية تختلف عن ظروفنا.
10- شادي خوندنه... متعة التحدي وروح المخاطرة
لاكويرزو تعني بالتوفيق باللغة الايطالية. هذا ما افادني به هذا الرجل الذي تحدث عن سعر صندوق البندوره في المدينة المنورة حيث قال ان سعر الصندوق يصل الى اكثر من مئة ريال! وهذا بسبب ان تجار حلقة الخضار تعاصبو مع بعضهم واجتمعو وقامو باعلاء سعر البندوره في وقت واحد لكي يملؤو جيوبهم بنقود عملائهم المخلصين المساكين.
تحدث عن الهيئة التي تراقب الاسواق وتمنع مثل هذه السلوكيات التي تتكفل بهدم الاقتصاد وما الى هنالك من مخاطر محتمه لمثل هذه السلوكيات التي يقوم بها حتى بعض التجار الكبار في البلاد. كانت لاكويرزو هي كلمة الليلة التي يحتاجها كل منا في حياته. بالتوفيق.
11- هشام الدباغ... مفاتيح الاتقان في ريادة الاعمال
كان المتحدث الاخير رائعا جدا، لانه امرنا بأن نقف ونجدد طاقتنا وحيوتنا، ومن ثم امرنا بأن نضع اصابعنا على رؤوسنا بعد أن فعلها هو قبلنا، ثم وضع اصبعه على عينه وامرنا بأن نفعل مثله، بعد ذلك امرنا بأن نضع اصابعنا على اذقاننا بعد ان وضع اصبعه هو على خديه، وتم له ما اراده من هذا المثال ووضعنا جميعنا اصابعنا على خدودنا بدل ان نضعها على اذقاننا، ثم اخبرنا باننا نتعلم بالنظر وليس بالاقوال، وهذا التمرين الخفيف كان مصداقا على ما قاله.
طلب منا ان ننظر الى الناجحين في المجالات التي نحبها ونقلد انظمتهم الصارمة في العمل والنشاط والصبر والاصرار.
اخبرنا بهذه القصة المختصرة. "لقد وقع حصان احد المزارعين في حفرة عميقة عندما كان يركض رافعا بصره الى السماء، وحاول هذا المزارع انقاذ حصانه العزيز لكن بلا جدوى، وطلب مساعدة بعض اصدقاءه وباءت محاولاتهم جميعها بالفشل، الى ان هدأ الحصان واستغرق في غيبوبة تنبئ بأنه فارق الحياة، وهم الجميع بدفنه، الا ان الحصان صهل بقوة ارعبتهم، وقام بالتذاكي على الرمل الذي القي عليه حيث انتفض وصعد فوق الرمل، وقام المزارعون -بعد ان اندهشو- بملئ الحفرة بالرمل، وكان الحصان ينتفض ويصعد على الرمل، باستمرار كان ينتفض ويصعد على الرمل، ينتفض ويصعد على الرمل، ينتفض ويصعد على الرمل الى ان خرج من الحفرة راكضا منتصرا مبتهجا من نجاحه"
لن تتوقف الحياة عن محاولة دفننا بالعقبات، علينا ان ننفض انفسنا ونصعد عليها. ياله من مثال جميل ومحفّز ومنعش لاختتام هكذا امسية.
12- طوبى ... منظمة الامسية
اختتمت السيدة التي اعترفت بانها نجحت في جميع المواد الا المادة العربية السيدة طوبى. وكانت سيدة خفيفة الظل وحازمة في آن. حيث اضحكت جميع من في القاعة بنطقها لكلمة "طز" على الحكومة التي لا تعرف كيف تتصرف في اتفه مشاكلها.
كانت تمثل شركة قطوف التي تكفلت بتنظيم هذه الامسية الرائعة جدا. وبشرتنا بالكثير من المواقع والمنظمات الغربية الريادية التي ستبدأ نشاطاتها في منطقتنا قريبا. وبعض هذه المواقع معنية بتمويل الرياديين بالمبالغ التي يحتاجونها من خلال مواقع يقوم فيها المبادرين بالتبرع بالمال لكل مشروع او فكرة يؤمنو فيها ويودون دعمها. هذا مما ينقصنا في بلاد لا تحسن جمعياتها في صرف الاموال في اماكنها المناسبة.
هذا هو ملخصي البسيط والمتواضع للامسية التي حضرتها في جدة في الغرفة التجارية الجميلة تلك. حان موعد نومي الان فقد اصبحت الساعة 2:28ص يوم الاثنين 25 نوفمبر 2013. كتبت كل هذا لانني وعدت اصدقائي المتابعين بأنني سوف أدون هذه المقالة اليوم بعد الانتهاء من حدث الغرفة التجارية في مكة والذي سأكتب عنه غدا بعون الله، أتمنى أن ينال هذا المقال اعجابكم، وأتمنى أيضا أن لا تفوتو ايا من الفعاليات المشابهه في مدنكم او في المدن المجاورة لكم، شكرا لكم،
أنا فواز حامد
معد ومقدم برنامج التحوّل
الفتى الذي توعّد بأن التاريخ، سيخلد اسمه