السبت، 20 أبريل 2013

الوحي




كل ما أريده هو الاصلاح، وبعد تراكم الاشارات والرسائل الموجهة إلي من روح العالم، تأكدت من أنني أنا من سيقوم بذلك. لكن مهلا! كيف سأقوم بذلك وأنا صاحب الشهادة الثانويّة المهترئة؟! هل أعلم عن الطريقة التي سأقوم بها بالاصلاح في بلد يرى شعبه ان اي نية اصلاح هي ضربا من ضروب الهرطقة النفسية أو التفاؤل المستفز؟! أقولها وبكل فخر رجل جعل من الانبياء أمثلته العليا : طبعا أعلم، ولست أشك في ذلك.

كل ما أراده آخر الانبياء والمرسلين -محمد صلى الله عليه- هو الاصلاح، وحتى يتم له ذلك، قرر أن يكون التغير الذي يريد أن يراه في  قريش. لقد كان يختلي في غار حراء لأيام وليالي طويلة جدا، وجعل من هذا الاختلاء ديدنه الذي لم يتوقف عنه حتى بعد اشراق روحه ونزول الوحي عليه من الله سبحانه. لقد كان النبي يتعبد قبل الوحي في الغار! ولطالما تساءلت في نفسي : ولكن، بأي شريعة كان يتعبد؟ وبعد ان اقتربت من الاجابه على سؤال مهم كهذا، تساءلت مرة اخرى : ومن يهتم بذلك اليوم! قلت هذا لانه ليس فينا الى الان من سلط الضوء على اي تفصيل حدث قبل الوحي! كل ما يهمنا هو الوحي وما بعده، ولينمحي من التاريخ كل ما كان قبله.

نزل الوحي على كل الانبياء وهم مختلون، ولم يروى عن نبي واحد انه استقبل اول وحي له وهو بين الناس يأكل ويشرب ويتسامر معهم. ويا للغرابة! كل الانبياء بعد نزول الوحي عليهم، يتحوّلون. كل الانبياء بعد نزول الوحي عليهم، اصبحو مع الله مباشرةً متواصلون. كل الانبياء بعد نزول الوحي، استطاعو ان يكونو التغير الذي يريدون. هل يعني هذا -اذا اردت انا ان اكون التغير الذي اريد ان اراه في شعبي- ان انتظر الوحي؟ حاشَ وكلّا! انها لا تتم بهذه الطريقة.

في البداية ما هو الوحي؟ وكيف ينزل على الانبياء؟ ولماذا لا ينزل الا على الانبياء وحدهم؟ ولماذا توقف الوحي عند اخر الانبياء والمرسلين ولم يواصل جبريل زيارة بعض البشر المشرقين لينشرو رسالة الله ومجده على الارض؟ الجواب على اخر سؤال هو ان الله سبحانه قد اكمل دينه، ولم نعد بحاجة لاي نبي اخر بعد النبي محمّد صلى الله عليه ليتم رسالة الله المتمثلة في توحيده واعلاء مجده.

نعود الى السؤال الاول: ماهو الوحي؟
وسأجيب عليه غاضاً طرفي عن كل ماذكر في كتب العقيدة التي لم استطع قراءتها في كل مرة كنت فيها جائعا جدا، وسأعتمد على بصيرتي التي هي اساس ايماني وايمان كل من اعتمد على بصيرته، ولا بأس ايضا من الاعتماد على تعريفات سمعتها في المدرسة.

1-الوحي: هو ذلك النداء الداخلي الذي لا يتوقف عن اخبارك بأنه ثمة خطب ما، وان الامور لا تجري كما هو مخطط لها.
2-الوحي: هو ذلك النداء الداخلي الذي يسألك وكأنك تعرف الاجابة على سؤاله: مالذي يفعله هؤلاء القوم بأنفسهم بحق رب الكعبة؟ إنه مخالف للعقل وللفطرة السليمة.
3-الوحي: هو ذلك النداء الداخلي الذي يحثك طوال الوقت على أن تضع حدا لكل ذلك، بأن تكون التغير الذي تريد أن تراه فيك وفي من حولك.

حسنا نلاحظ ان الوحي لم يكن سوى نداءً داخلياً، وهو هكذا يحدث لكل انسان، ولكن ماحدث مع الانبياء كان اعظم من ان اصفه انا واعرّفه ببصيرتي التي اعتقد بأنها ثاقبة. وعلى اية حال فالتعريفات الشرعية المتفق عليها موجودة في كتب العقيدة. وهناك لم يضف اي كاتب معلومات لم يتأكد من صحتها، تماما كما فعلت أنا قبل قليل.

كيف ينزل الوحي على الانبياء؟
ينزل الوحي على الانبياء بعد ان يختلو بأنفسهم في الجبال والوديان والغابات، بشرط ان يكون جبريل هو من ينزله عليهم من الله تعالى بالحرف الواحد. والوحي الذي يتنزل على الانبياء يختلف تماما عن الوحي الذي يستمده البشر من نداءاتهم الداخليه.
والوحي الذي من عند الله سبحانه لا يتنزل الا على الانبياء وحدهم، لان الله سبحانه هو من اختارهم وليسو هم من اختارو ان ينصّبو انبياء. ولكن هم من اختارو ان يختلو بأنفسهم، ولم يحدث انه نزل وحي على نبي وهو ليس مختليا بنفسه تمام الاختلاء.

لماذا توقف الوحي عند اخر الانبياء والمرسلين؟
توقف الوحي عند اخر الانبياء والمرسلين لانه لم يكن هناك اي منظمة تدعى بمنظمة حقوق الانسان في عصر اخر الانبياء والمرسلين، ولكن السبب الاهم من ذلك هو ان الله قد اكمل دينه واوقف التشريع السماوي بعد قرون من الزمان وبعد ارسال مئات الانبياء في الارض لينشرو دين التوحيد، وكما هو الهرم الذي يحتاج الى رأسه ليتم، كان آخر الانبياء صلى الله عليه هو الهرم الذي أتم شرع الله ومجده على الارض.

كل هذا الاستعراض لتساؤلاتي واجاباتي عليها سببها سؤال واحد! وهو هل نستطيع ان نقتدي بالانبياء فعلا؟ وبالاستناد لما كتبته هنا يتجلى الجواب بلا شك: نعم نستطيع ذلك. بشرط واحد وهو ان الوحي من الله قد انقطع الى الابد واننا سنقتدي بهم ولن يتنزل على اي واحد منا وحي من جبريل عليه السلام، وهذا مانحن متفقون عليه تماما.

ان الطريقة التي يستطيع اي انسان ان يباشر الاصلاح بها تكمن في العبارة التي نطق بها المناضل السلمي الاكثر تأثيرا على الارض في العصر الحديث، غاندي. هذا الرجل النحيل، والذي كان يعاقب نفسه بالصيام لأيام طويله اذا لم يتوقف الهنود عن الاقتتال فيما بينهم بسبب دياناتهم ومذاهبهم. احيانا أعقتد بأنه صام وأحوج نفسه ليجوع لألا يقرأ كتب العقائد الهنديه، فكل كتب العقائد كبيره ومفصله ومؤكد انها ليست جميلة ككتب الانبياء او اقوالهم البسيطة الكلمات، العميقة المعنى.

قال مهاتما غاندي: كن أنت التغير الذي تريد أن تراه في العالم.
وحتى من قبل ان ينطق بها، كان جميع الانبياء -بما فيهم نبينا محمد صلى الله عليه- التغير الذي يريدون ان يروه في شعوبهم ومجتمعاتهم -التي كانت قبل ان يباشرو العمل على اصلاحها- في قمة الجهل والخرافة والتوهان والتخلّف. لم يأتي غاندي بجديد، فقد بدأ النبي في البحث عن الحق منذ نعومة اظافره، ولم يتأثر ابدا بسلوكيات الجاهليين السكارى عابدي الاحجار ومطففي الموازين، بل على العكس تماما، كان أمينا جدا، وفي هذا أراد ان يكون التغير الذي يريد ان يراه في قبيلة غشّاشة كقريش. ومع الامانة، يأتي الصدق الذي يتبعه الاخلاص الذي تتبعه المبادئ الفطرية التي تتبعها الايمان بالله. وسعادة الايمان بالله تستدعي نشر الايمان بالله ليعم الارض السلام والوؤام والانسجام التام.

كان الصادق الامين شاذا عن افراد قبيلته لكونه يعبد اله لا يراه ولا يسمعه زعماء قريش! وكأنهم هم الذين يعبدون احجارا تنطق وتتكلم وتذرف بالطرائف عليهم طوال الوقت. كان الصادق الامين هو التغير الذي أراد أن يراه في أمته، وبصراحه، حتى تتبين لنا هذه الحقيقة الواضحة التي هي اساس مقالي، فقد يتطلب تبيانها كتبا كثيرة لا تركز الا على الاخلاق القرشية والاخلاق والافكار النبوية التي كانت تتعدى القرشية في فطرتها وجمالها ومنطقيتها البسيطه. نعم، الموضوع اكبر من ان يسلط مقال واحد الضوء على كل قضاياه.

في النهايه، اذا كنت انسانا يقتدي بالانبياء فعلا ولست ممن يرفعون الشعارات، ستحيى حياة كلها اخلاق حميده وسعاده يتعذر وصفها احيانا، فقط عندما تباشر في أن تكون التغير الذي تريد ان تراه في نفسك، وفي شعبك، ومن ثم اذا اردت ان تكون كالانبياء بحق، ربما ستعلي من همتك لتكون التغير الذي تريد ان تراه في العالم، كما هم الانبياء ابطال عالم اليوم، وكل يوم.

هناك تعليق واحد:

  1. نعم كل مما أقوله لك أظنك قد سمعته من غيري لكن أقول لك من كل قلبي بارك الله خطاك ووفقك دربك وبارك سيعك كم أنا مسرور بنموذج هكذا مشرف يدعوا لتفائل وبأن هناك فعلا غدا أفضل لكل الناس فقط بإلارادة والعزيمة والإخلاص والتحدي والإصرار والتطوير والإستمرار في تحقيق الحلم كم سأكون سعيد بالتحدث إليك دمت بود ولك خالص تحياتي وتقديراتي

    ردحذف