الاثنين، 1 أبريل 2013

من أنا؟ من أكون؟




حسنا، جدتي سودانية وجدي نيجيري، وجدتي الاخرى نيجيرية وتزوجت في السودان، اما جدي زوجها فهو نيجيري. هل انا عربي أم أعجمي؟ من أنا بحق رب الكعبة؟ هل السودان دولة عربية لأندس تحت جلبابها لأتفاخر بأني عربي؟ واضح ان نيجيريا دولة افريقية من افقر ما يكون ولا تمت للعرب -اغنياء اللون الابيض والانجازات القبلية والاسلامية البطولية- بأي صلة.

محتار في من أنا؟ وأنا مولود في بقعة كبيرة على الخريطة تسمى بـ"المملكة العربية السعودية" هي مملكة مملوكة وليست ديموقراطية ولا تسمح للشعب بأن يختار حاكمه على أساس الشورى الاسلامية، وهي عربية ومؤسسيها عرب اتخذو من الكويت استراحة مؤقتة لمحاربيهم الحالمين، وسعودية تنتسب الى آل سعود وعائلته الكريمة التي لولاها لربما كانت المملكة العربية المكتومية نسبة الى ال مكتوم، او المملكة العربية الصباحية نسبة الى عائلة الصباح، وتطول الاحتمالات اللانهائية في هذا الاصل الى ان نصل الى احتمال المملكة العربية اللا إسلامية، فقط لأنني أنا وبعض المقيمين ميسوري الحال نتعرض الى ضغوط وقوانين هي مرفوضة انسانياً وتعتبر ضد بديهيات الاسلام الذي أصبحت أعتقد بأنه عربي خالص.

أنا فواز حامد على ابكر، برناوي، وانبثقت بالتحديد من قبيلة بدي البرناوية في نيجيريا. ولدت في المملكة العربية السعودية في اليوم العاشر من شهر صفر في سنة أربعة عشر وأربعمئة بعد الألف عند الساعة العاشرة مساءً في مستشفى لا انساني واسمه هو اخر اسم يخطر على البال (النور) اصبح مؤخرا لا يعالج صديقي الغير سعودي المصاب باللوكيميا لانه مستشفى كجنة المسلمين الحصرية على اناس معينين بسبب تعميمات وبنود جديده من وزارة الصحة التي لا تعلم بأي طريقة ستتحدث عنها بالضبط اذا ماحتجت الى التقاط شهقتك التالية بعد زفير ممتلئ بالتعجب والحنق!

تخرجت من المرحلة الثانوية منذ سنة اثنان وثلاثون وأربعئمة بعد الألف، وحقا لا أريد إكمال دراستي الجامعية إطلاقا، أو على الأقل فلن أكملها هنا أبدا، فالتعليم هنا أقرب ما يكون إلى تربية قطعان من الخرفان يعيشون ليموتو وهم لم يعلمو أصلا بوجود بصمات عليهم أن يتركوها على صفحات التاريخ. اكتشفت البصمات منذ قرنيين تقريبا، اما هؤلاء الخرفان فيعلمون عن كل ما كان قبل البصمات بألفٍ ومئتي سنة، كفتوحات إسلامية وغزوات تتبعها غزوات وتفسيرات للقرآن الذي يتلى تارة بتأني وتارة بصرخات الى ما هنالك من التاريخ ذو البعد الواحد في العالم الوافر الذي يتجاوز عدد ابعاده على الاقل عدد اصابع اليد الواحدة، التي بها تستطيع الصفع والكتابة والرسم والعزف وضرب الأمثال، واذا ما اشركتها مع اختها الأخرى فستتمكن من التصفيق على حظك العاثر.

إنني حقا أتساءل! من أنا؟
هل أنا مميز عن باقي البشر، هل أنا مميز حتى عن باقي الحيوانات والنباتات، بالله هل أنا مميز ومختلف عن هذه الظواهر الطبيعية من سحب وبرق ورعد وبراكين وزلازل توشك على ان تبدأ؟ هل أنا وادي أم جبل؟ هل أستطيع يوما أن أكون كالتل؟ كيف أستطيع الاستمرار في الري والهطل؟ مالفرق بيني وبين كل ما هو موجود؟ من أنا؟
هل أنا نبي؟ هل أنا آلهة تشبه أي آلهة في بلاد الإغريق؟ هل أنا مجرد انسان ولد ليموت؟ هل أنا أحجيّة؟

هل سؤال من أنا يعني ما هو أصلي ولوني؟ أم يعني ما هو جوهري؟ أم يعني ما هو جنسي؟ أم يعني ماهو ديني؟ مالفرق بين الحيرة وبيني؟ من المقلق أن تكون ظاهرة تصنف على عدة مستويات، أليس هناك مستوى واحد يعرّف عنّي ببلاغة لا تحتاج الى جدال ليبرز مدلولاتها؟ في الحقيقة أنا لا أريد أن أعترف بـ من أنا حقا؟ لأنني ببساطة، لا أعرف، ولكنني أحب الألوان كثيرا، وأعلم عن سبعة ألوان إذا ماجتمعت مع بعضها فلن تعطي الا لونا واحدا هو الذي نشعر به في لحظات كثيرة كهذه، هذا اللون يدعى لون النور.

أنا النور الذي يبدد الظلام، أنا اللذي بعد ميلادي إمتلأ قلب أمي فرحة بي، وبعد عقدين من الزمان املأت قلب حبيبتي بي لاعترافي بحبي الكبير لها. لم أتوقف يوما عن النظر إلي، وحتى في الظلام، أنا لا أشعر إلا بي. أنا النور اللذي إختار أن يطغى على كل تلك التصنيفات المظلمة التي لا تعني أي شيء. تصنيفات محيرة تدمي القلب من قسوتها وعنصريتها وحيرتها. أنا النور ومصدر النور واحد.
كالشمس أشرق على من أحب ويحبني، وكالصخر الذي يحتوي على الحمم النارية الملتهبة، التي قد تمطر نارا على كل من يريد تصنيفي على مزاجه هو وليس على مزاجي، معتقدا بأن الحقيقة هي مايراها هو عني، وليست ما أراها أنا عن نفسي.

أنا لست ما يعتقد فيني أي شخص، رغم لوني ومعاناتي وطريقي الذي اخترته! أنا هو من يحدد من أنا ويبحث عن من أنا الحقيقية!
أنا موجة في بحر الكون تراقصت من تلقاء ذاتها وحثت الموجات الأخريات على أن تتراقص بكل فخر طبيعي، لكونها موجات تتشارك الرقص الكوني مع كل موجة خطرت او قد تخطر على بال الوجود ان عاجلا أم آجلا.

أنا مضطرب كالموجات تماما، وأختار أن أكون كذلك بكامل حريتي، ولا أرضى بأن أسجن داخل أي صنف عرقي أو جغرافي أو ديني او كوني.

أنا الحالم صاحب البشرة السوداء، الحر صاحب الفكر الحر الذي يعتقد بأنه تجاوز افكار الانتماء البدائي لقبيلة توفر لي الجنس والامن والاعتقاد الواحد الصحيح والاستشفاء من العاهات الجسدية والسحرية. أنا فقير الحقيقة، وغنيّ بحماسة البحث عنها.
تستطيع أن تعتبرني بلا أي شيء، غير الحب الذي شوش عقلي بعد أن وعدني بأنه سيدفعني إلى أقصى نقطة لم أحلم يوما بالوصول إليها.

وبعد كل هذه الهرطقة النفسية، لم أعلم حقا. من أنا؟ من أكون؟ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق