الأربعاء، 16 أكتوبر 2013

توماس روبرت مالتوس يصمد أمام إنتقاد آخر



قام الباحث في علم الديموغرافية (علم الكثافة السكانية) توماس روبرت مالتوس بوضع نظرية قلبت العالم رأسا على عقب حيث ورد فيها أن الرجل الذي ليس له من يعيله والذي لا يستطيع أن يجد له عملاً في المجتمع، سوف يجد أن ليس له نصيباً من الغذاء على أرضه، فهو عضو زائد في وليمة الطبيعة حيث لا صحن له بين الصحون، والطبيعة تأمره بمغادرة الزمن.

من أهم فوائد علم الكثافة السكانية هو التنبؤ بالمجاعات والفقر والحروب والتقاتل المستقبلي على الموارد الطبيعية التي تقل بشكل حسابي (1-2-3-4-5) مقارنة بزيادة البشر بشكل هندسي أكيد(1-2-4-8-16). وجزء من هذا العلم يهتم باستغلال الموارد الطبيعية الاستغلال الامثل بشكل يبتعد عن التبذير واللامبالاة، إن لم يكن من أجلنا فمن أجل الأجيال القادمة.


يتهم الكاتب التركي المسلم -مؤلف كتاب خديعة التطور- مالتوس بأنه أثر على دارون في وضع نظرية البقاء للأقوى، في حين ان كلا العالمين يمتلك دوافعه الخاصه به، فالأول عالم في الاجتماع والثاني عالم في الاحياء.

الاول رد على معاصريه في عصر النهضة من المتفائلين بأن مقدرة الانسان على التحكم فى بيئته مقدرة ليست لها حدود.
والثاني رد على الكنيسة بأن آدم لم ينزل من الجنة وأنه ليس أول البشر، وأن علم التطور علم طبيعي تخضع له الحياة منذ الازل والانسان ليس مستثنى من ذلك وأنه حرفيا تطور من احدى سلالات القرود.




هارون يحيى مؤلف خديعة التطور، استخدم في كل فصل من فصول كتابه الهزيل آيات بالجملة ليدحض بها النظريات ويتهم بها الكثير من العلماء (الغرب) بأنهم خاطئين وأحيانا بأنهم متعجرفين وفاسقين، في حين ان ابن خلدون هو من بدأ التحدث في علم الكثافة السكانية منذ القرن الرابع عشر عندما نوه عن الصلة الوطيدة بين عدد السكان ومستوى الحضارة لان عدد السكان عامل هام في تقسيم العمل وفي النمو.


لم أكمل قراءة كتاب خديعة التطور، لكوني قررت قراءة كتاب أصل الأنواع بنفسي، فقد كانت إقتباسات هارون من كتاب دارون مشكوك في صحتها بشكل لا ينبئ عن الدقة والأمانة العلمية. لكني أتممت قراءة رواية الجحيم، ولا يسعني أن أقول أكثر من ذلك لمن لم يقرؤو -رواية دان براون الاخيرة- بعد.

الجمعة، 4 أكتوبر 2013

قضايا سخيفة كقضية الإيتيكيت

كنت أتناول عشائي في أعرق مطاعم الشارقة مع ثلة من الرجال يحمل أكثرهم حماقةً شهادة الدكتوراة في الإقتصاد. أنا ابن الأحياء العشوائية الذي لم يتعود تناول طعامه بالشوكة والسكين، لذلك تركتهما على حافة الطاولة بعد أن أرهقاني، ولم يكن تصرفي هذا هو التصرف الأخرق الوحيد، فقد أسقطت شوكتي من دون قصد مني وقاطعت بذلك جيمع المترقبين لعملي الأخرق التالي، كانو جميعا يعلمون بأنيي سوف أرفع الشوكة لأضعها على الطاولة مرة أخرى حتى مع عدم إستخدامي لها! كان علي أن أترك الشوكة مكانها في الأسفل، ولكنني على ما يبدو قمت بإختراق إحدى قوانين الأتكيت: لا ترفع شوكتك بعد أن تسقطها وأنت تتناول وجبة عشائك في مطعم عريق.

عادةً -والحق أقول- أنا لا أهتم بمثل هذه القضايا السخيفة لكونها بلهاء هي وأيا كانت الأسرة البريطانية البلهاء التي أوهمت الناس بأهميتها!

لم يستطع أحدا منهم أن ينعتني بالأخرق، الا ان صمتهم الذي طال قد فعل ذلك. وبصراحة، كان شعوري كشعور من يعتقد بأنه تم خداعه بعد أن سحب بعض النقود من رصيده البنكي من احدى الصرافات التي لا تتبع بنكه الأساسي، كنت كمن يشعر بأنه تم خداعه بخصم 2.5ريال من رصيده البنكي -وهو لا يعلم ذلك- بسبب سحبه لبعض النقود من احدى الصرافات التي لا تتبع بنكه الأساس.

في الحقيقة أعتقد بأنني أستطيع أن أتجاوز أراء الناس فيّ، فلم أعد أكترث لأرائهم المتعلقة بقضايا سخيفة كقضية الأتكيت، أما أراء الناس المتعلقة بقضايا حقيقية كالحب والفكر والغرض من الحياة، فهي على الرحب والسعة دائما كيفما كانت.

كلنا يحرج من أراء الآخرين في حين أن أراء الآخرين ليست سوى هرطقة نفسية تخصهم وحدهم. فمثلا عندما يخصم من رصيد حسابك البنكي 2.5ريال فلن تغدو أحمقا مباشرةً! ربما تكون من أولئك الشباب الذي يتصرفون وفقا لنمط الحياة التي يريدون عيشها، وهؤلاء الشباب من من لا يكترثون حتى ولو خصم 50ريالاً من حسابهم مقابل أن يشعرو بأنهم رجال أعمال منغمسون في الوفرة والترف وهم يعملون جاهدين ليتحقق لهم ذلك أثناء حياتهم!

إن أولئك الذين لا يستمدون قوتهم الذاتية من إيمانهم بأنفسهم هم أكثر الناس تعرضا للضغوطات المرهقة في حياتهم بسبب أراء الأخرين فيهم، وستستمر الضغوطات في حياتهم اذا لم يقومو باتخاذ قرار التعامل مع هذه الضغوطات بحكمة. أنا اتخذت قراراً بألّا أتأثر من أراء الآخرين فيّ مع قضايا سخيفة كقضية الإيتيكيت.


الأربعاء، 2 أكتوبر 2013

نظرية الرسول في تدرج الحاجات مقابل نظرية أبراهام ماسلو


تحدث الرسول عن معطيات هرم ماسلو قبل أن يولد عالم النفس الشهير أبراهام ماسلو بأربعة عشر قرناً، وكان هذا في حديثٍ روي عنه صلى الله عليه وسلم قال فيه:

"مَنْ أَصْبَحَ مُعَافَى فِي بَدَنِهِ آمِنًا فِي سِرْبِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا."

وبما أن الحياة تتطور تصاعدياً، فقد أضاف ماسلو على حديث رسول الله وطوره بإكمال رأس الهرم الذي احتوى على حاجة تحقيق الذات، وهي الحاجة التي تبدو انها لم تكن أساسية في وقته صلى الله عليه وسلم، حيث كان تركيز الرسول وقتها -بسبب بدائية الحياة في ذلك الزمان- على الحاجات الأساسية في المستوى الاول والثاني من الاحتياجات التي رتبها ماسلو في هرمه بعد ذلك حيث احتوى على:

الحاجات الفسيولوجية: مُعَافَى فِي بَدَنِهِ،عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ
وحاجات الأمان: وآمِنًا فِي سِرْبِهِ

وتابع ماسلو بناء الهرم الذي استهل بدايته الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأضاف:

الحاجات الاجتماعية
الحاجة للتقدير
الحاجة لتحقيق الذات


حكاية الحورية وحبلي السري




حكت لي حوريةٌ ذات مرةٍ حكايتها ...
كانت تتنعم في كنف رجل يدللها ويعتني بها ويحبها ويشاكسها، كان أبوها، أخوها، صديقها، وعيشقها في آن، ولقد غمرها برعايته كما لم يفعلَ رجلٌ بإمرأةٍ من قبل.
ولكن، ما أن توفي حتى تحولت إلى إمرأة أقل بدرجةٍ من الحورية، لقد أصبحت مجرد إمرأة، كباقي النساء اللواتي سئمن من العشق اللذي يتصنّعه لهن رجالهن، لقد تحوّلت الى إمرأة لا تملك من يقدّر جمالها وأنوثتها وإحساسها المرهف. كانت تبكي بحرقة وهي تخبرني: كان علي أن أعتبر نفسي حوريةً إلى الأبدِ وأتحضرَ للأيام التي سأفتقد فيها عشيقي، لأن الحياة ستبدو كئيبة إلى الأبدِ إذا مارتبطنا بشخص فيها ونسينا أنفسنا التي هي أولى بهذا الإرتباط.


تذكّرت بعدها قصةً مشهورةً في حينا لرجلٍ أصبح مشردا بعد ان توفي سيده، فقد تخاصم أبناء سيده على ميراث أبيهم، وطردوه من القصر الذي كان فيه، ويالحماقة الرجل، فهو لم يهيئ نفسه لمثل هذا اليوم الذي سيطرد فيه بعد موت سيده. لقد كان في وسعه ان يصبح تاجرا مثل سيده ويتعلم اصطياد السمكات بدل تلقيها جاهزة أثناء رحلاته التجارية معه.


ثم ذهلت بعد ذلك لكوني قد توصلت الى إجابةٍ لسؤالي: لماذا قطعو حبلي السري بعد أن ولدت؟ لقد كنت أتمتّع بغذاء أمي من غير أن أرهق نفسي بطلب الغذاء! إلا أن قطع حبلي السري كان مبتدأ طريقي نحو النضوج وتغذية نفسي بنفسي. كنت بعد أن قطع حبلي السري كمن باشر تعلّم اصطياد السمكة لنفسه!

سأقطع كل الحبال السرّية، العقليةَ منها والعاطفيةِ، وحتى المالية، وأتوجه مستقبلا طريقي نحو نضوجي الشخصي. وطوبى لي.