الأربعاء، 20 مارس 2013

حقيقة الولادة!


 
لطالما تفكّرت في عملية الولادة، لطالما أرعبتني في صغري! كانت أمي تخبرني بأن أخي الجديد هو عبارة عن بضاعة عرضت عليها فالمستشفى، وكنت أعلم يقينا بأن هذا غير صحيح! فقد كان بطنها منتفخا الى حد يدعوا الى الدهشة، حجم بطنها غير طبيعي، وكذلك صرخاتها المتوجّعة، أيعقل بعد ملاحظة هذه المعطيات أن يكون أخي مجرد بضاعة مسعّرة! 

حسنا، بعد أن واجة أمي وصديقتها بأنه يستحيل بيع الأطفال كالبضائع في المستشفيات، وأن بطنها كان منتفخا جدا -وهذا يجعل الامر غير منطقياً على الاطلاق لرجل مدمن على أفلام الكرتون مثلي- إعترفت لي بالفيلم المرعب الذي يحدث لكل النساء، سيداتي سادتي ها هي نسخة مزيفة من عملية الولادة أعرضها عليكم بالتفصيل : 

تحمل المرأة ثم تدق ساعة وضعها لحملها بعد تسعة أشهر، ثم تتوجه الحامل الى المستشفى بأي سيارة مستعدة لتجاوز كل اشارات المرور في الطريق كاسرة بذلك أهم قانون يضرب به المثل في النظام في العالم كله، تستقبلها وحدة الطوارئ بسرير ابيض جميل جدا ومثير للنعاس والتثاؤب، ثم يساق سرير الحامل الى "غرفة العمليات 2" لتزحف طاولة ممتلئة بالمعدات الحادة قرب سريرها، وهذه المعدات تستخدم في ماذا؟ تستخدم هذه المعدات -التي لا يجب ان تكون في متناول الاطفال- لشق بطن الحامل ثم استخراج الجنين ومن ثم، كي منطقة المعدة بمكواة تشبه مكواة الملابس وكأن شيئا لم يكن! حسنا، بت أعرف الحقيقة الان، وكلنا يعرف بأنني أعرفها جيدا صح؟! أنا على مشارف العقد الثاني من حياتي وامضيت جزءا من عمري في الاحياء العشوائية التي تحتوي على عصابات منظّمة الألسن خصوصا عند اطلاقها لشتائم في منتهى السخرية وقلة الأدب تساعد كثيرا في انضاج الرجل بشكل عكسي.

هل أخبرتك أمك بنفس القصة! إن كنت من حارتي، وأمك من صديقات أمي، فبالله عليك أخبرني بأني مخطئ. سنتفق على أن بعض النساء خجولات جدا، وهذا طبيعي.

سبب آخر يجعلني مدركا لحقيقة الولادة، وهو أن صديقات أمي كانوا ينادونني بالعريس، منذ ان كنت فالتاسعة من عمري، والعريس سوف يبحث في كل التفاصيل التي تجعل منه عريسا ناجحا، قبل ان يكون زوجا ناججا على الاقل. والباحث دائما ما سيصل الى مراده عاجلا ام آجلا.

الحقيقة هي ان المرأة تولد من رحمها، وهذا يجعلني متأثرا وبقوة من عظمتها وقوتها وصبرها وخجلها، وجمالها، تلد المرأة طفلا كان يتغذى من أحشائها، وحتى بعد ميلاده، لن يتستطيع الاستغناء عن رائحتها وعطفها واهتمامها المغييييظ احيانا –الذي يؤكد على صحة النظرية التي تسمى بقلب الام-. تلد المرأة، نتيجة حبها لزوجها وحب زوجها لها. يولد الانسان نتيجة للتعبير عن الحب.

صبر تسعة أشهر! لعمري إن الحب لمعجزة المعجزات. بالحب تهون آلام وتحديات الحياة. بالحب، تقتحم الحياة الى أقصاها، الى ان نكون وجها لوجه، عند رحمها، وتسمح لنا الحياة بتوليد واشباع رغباتنا كلها، الى ان نسمو باشباع -الحياة- واشباع العالم كله. هي هكذا الحياة، ستظل التعبير الانقى للعطاء الغير مشروط، تماما كالمرأة وجسدها عندما تحمل، وتعطي من بداخلها باستمرار، طوال حياتها المباركة.

أمي، كم مرةً علي إخبارك بأني، أحبك؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق