قبل عشرة ثواني فقط لم أكن أنوي كتابة أي مقال. هذا هو نوع المقالات التي أحب كتابتها، تلك المقالات التي تنثار نوايا كتابتها فجأة، لتباشر كتابتها مستسلما وأنت تعلم يقينا أنك لا تعلم كيف ستنهي هذا المقال الموحى إليك. ربما سيتكفل ذلك الذي باغتني بإقتراح كتابة المقال بإنهائه! ومن يدري!
هذه ليست إستغاثه أيها الساده، وإنما هو بوح صريح، دافعه الكتابة في مدونتي، فأنا من من يهوى الكتابة عن كل ما يثير، فقط لمجرد الكتابة وأحيا للتشافي من يئس مؤقت أعاني منه. أما مقالة اليوم فهي عن مشروعي الحالي، إذاً
هل حقا نحتاج إلى رؤوس الأموال إذا ما أردنا أن نباشر في البدء بمشاريعنا؟ لا أعتقد ذلك، او لنقل أن هذا يعتمد على طبيعة المشروع. فمشاريع كثيرة نستطيع أن نبدأها من غير أموال، فمثلا يمكنك ان تدير أعمال بعض الاصدقاء الموهبين سواءً أكانو كوميديين او رياضيين مجانين او متحدثين مذهلين او حتى ان كانو رسامين في بيئة تقدر الرسم على اعتبار انه فن راقي، وتستفيد من علاقاتك لتبرز أعمال هؤلاء الموهبين الخجولين وتكسب حصتك مقابلا لمساعدتك لهم. فكرة حسنة في بيئة سيئة صح!
أما في حالتي انا، فقد بدأت مشروعي بإستعارة مايك ومصفي صوت وسماعات هدفون لكوني لم أكن أمتلك أيا من هذه المعدات. وللأسف بدأت معداتي بخذلاني بعد أن أبلت بلاءً حسنا طوال الأشهر الأربع الماضية.
نعم يا سادة، أنا فواز حامد، مقدم برنامج التحول الذي وصل عدد مشاهداته لـ3000 مشاهد خلال ثلاثة اشهر أنتجت خلالها 8 حلقات أعددتها في غرفتي وأخرجتها كالحلقات الإذاعات على ما أعتقد. هذا البرنامج الذي وضعت فيه كل وقتي وذكائي وآمالي. ومبدئيا أعتقد بأنني نجحت نجاحا ساحقا كوني صاحب الفكرة والمعد والمقدم ومخرج نفس البرنامج. نعم هذا صحيح.
لم أكن شيئا، وقد أصبحت مقدما بإتخاذي الخطوات اللازمه، وبعد المضي قدما في تسجيلي الحلقات تساءلت: ماذا لو أنشأت ستوديو وجهزته بالمعدات اللازمه لأسجل حلقات مذهله أكثر وأخرج برامج أخرى لأصدقاء آخرين شريطة أن تكون البرامج تنموية وترفيهية؟ صعقت لكوني أصبحت أخيرا أفكر بهذه الطريقة. طريقة تفكير رجال الأعمال المنتهزين للفرص، والعمليين دائما على أكشنة خططهم وأفكارهم!
ولكن للأسف ما أن فكرت هكذا حتى بدأت صحة معداتي المتواضعة بالتدهور وانعطب البرنامج الذي استخدمه في التسجيل، مما اضطرني الى إرجاء مواعيد تسجيل الحلقات بحجة الانشغال واستغلال شهر رمضان في اي عمل موسمي يدر على بعض الاموال. ولكن ها انذا عند نقطة بدايتي للبرنامج، بمحفظة نقود خالية جدا ولا تساعدني حتى على تخيل امتلاكي لمايكات ثمينة تسمح لي بإخراج حلقات ذات جوده عاليه وأصوات نقية وعذبه تساعد على تحفيز المتلقي ليهز رأسه متعجبا من هكذا برنامج جديد لشاب مغمور إلا أنه واعد.
إختلقت وظيفتي بنفسي، وبعدها وجدت نفسي منخرطا ضمن مشروع لم يدشّن بعد، لكنه سيدشن بعون الله وهذا مما لا شك فيه ما دمت أسعى لإنجازه. اختلقت وظيفتي بعد كل اليأس الذي كنت فيه خلال شهور أتت بعد تخرجي من الثانويه، كنت أعلم يقينا وأنا فيها بأنني لن أكمل دراستي لسببين، أولهما طبعا هو عدم استطاعتي ماديا لتحمل تكاليف الدراسه حتى وان كانت في هذه البلاد الضعيفه في تعليمها، وثانيهما هو ادراكي بأن الشهادة ليست ضرورية لأصبح ممثلا او مخرجا او عازف ساكسوفون او لاعب كرة سلة او كاتبا ساخرا او حتى مقدم برنامج من المنزل قد يتحول ربما الى رائد اعمال ينشئ مشاريعه وينجح فيها في كل مكان.
لست كسولا، ولست ممن يملكون الشهادات ولا يستغلونها لينالو لقمة عيشهم. في حالتي انا ليس هناك ما اكسب لقمة عيشي منه غير شغفي في تحويل المواد التنموية لمواد ترفيهية خفيفة الظل، سواء أكان هذا من خلال اضفاء السخرية في المواد نفسها او اخراجها بطريقة اذاعيه مستساغه. لم أبدأ بكسب رزقي من ما أعمله في غرفتي حتى الان، ولكن كما وضحت سابقا، أنا أمتلك عقلية رجل أعمال لا يتوقف عن الإستثمار في نفسه ليزيد من خبرتها وقيمتها وحظها في هذه الحياة. وهذه العملية تسمى ايضا (العمل على جعل الحلم حقيقة)
نصحني صديق بأن أطلب دعم متابعي برنامجي لأتمكن من الاستمرار، نصحني بذلك بعد ان اخبرني عن قصة رجل الماني وزوجته المتخصصة كزوجها في اللياقة البدنية والذين طلبا دعم متابعي فيديوهاتهما ببعض الاموال ان رأو أنهم يستحقون ذلك، ونجحو في ذلك. فكرة حسنة، في بيئة تقدّر النشاطات التي يرى المستفيدون منها أنهم فعلا مستفيدين، وإمتياز آخر في هذه البيئة هو تفشي ثقافة التسوق بالبطائق الإئتمانية فيها، وهذه الثقافة ليست متفشية في بيئتنا حاليا وهذا مما يؤكد وللأسف بأنني لم أستغث أحدا بمقالتي هذه، لعلمي مسبقا بأني لن أنجح، ولكوني أساسا لا أجرؤ على ذلك.
كنت جاهلا فتعلمت، وكنت ركيك الكتابة فتحسنت، كنت من من يعتمدون على الغير وأصبحت رجلا أعتمد على نفسي، لم أكن رجل أعمال حتى في أكثر خيالاتي جموحا، لكنني تجاهلت التخيل وباشرت إتخاذ الخطوات اللازمة لأحقق ما أريد.
كل المشاريع تمر بفترات تعثّر بعد أن تنطلق، وتلك العثرات هي الاختبارات الحقيقية لنثبت فيها جدارتنا بالفوز. رغم كل العثرات والظروف وجلسات إعادة النظر، أنا أمتلك روح رجل أعمال خارق، كل ما يطلبه هو الوقت، ليس الدعم، وإنما بعض الدعوات من القلب، والوقت، وروحي -المشتعلة- على ما أقول شاهدة.
دمتم حالمين